مصارف لبنان تتجه إلى تسليم الدولار بالليرة اللبنانية
لا يُخفى على أحد أن المصارف حدّت أساساً من إمكانيّة التعامل النقدي بالدولار، عبر حصر السحب النقدي بسقوف محدّدة، أخذت بالانخفاض تدريجيّاً حتّى بلغت حدود 200$ أسبوعيّاً في بعض الفروع. لكنّ الخطير في تغريدة المصرفي العريق اليوم، هو تسويقه وربما تمهيده – بعبارات منمّقة- لما هو أسوأ: حظر السحب النقدي بالدولار بشكل تام.
السيولة تفقد قيمتها
منع السحب النقدي بالدولار على شبابيك المصارف في هذه المرحلة بالذات، لن يعني عمليّاً سوى تحويل المصارف إلى حبس كبير ومقفل تماماً للسيولة بالدولار الأميركي. لكنّ الأهم، سيعني هذا الأمر أيضاً فقدان السيولة بالدولار في المصارف لقيمتها الفعليّة في السوق. فإذا اختار المودع سحب وديعته بالدولار نقداً بالليرة اللبنانيّة، فسيتم ذلك وفق سعر الصرف الرسمي، لا سعر الصرف الرائج في السوق. وهو ما يعني عمليّاً فقدان ما يزيد عن ربع قيمة الوديعة. أما إذا إختار اللجوء إلى بعض السماسرة لشراء الدولار النقدي مقابل شيك يمثّل قيمة وديعته، فسيخسر ما يقارب 30 في المئة من قيمة هذه الوديعة، وفقاً للعمولات الرائجة اليوم في الأسواق.
في الواقع، بدأ مسار فقدان الودائع بالدولار لقيمتها الفعليّة منذ فترة، مع بروز ظاهرة هؤلاء السماسرة وسعر الصرف المزدوج، وفي ظل منع عمليّات التحويل للخارج ورفض معظم التجار للشيكات المصرفيّة بالدولار. لكنّ القدرة على سحب مبالغ نقديّة بسيطة ووفق سقوف أسبوعيّة كانت تعطي المودع القدرة على الحصول على قدر محدود من الدولارات النقديّة – بقيمتها الفعليّة- من وديعته. أمّا في حال تطبيق المقترح الذي تحدّث عنه رئيس مجلس إدارة بنك الموارد، مروان خير الدين في تغريدته، فسيتعذّر تحويل أي قسم من هذه الودائع إلى دولارات نقديّة، وهو ما سيفاقم من مسار فقدان الودائع لقيمتها.
مصطلح جديد : الدولار اللبناني
يقودنا انخفاض القيمة الفعليّة للودائع في النظام المصرفي إلى مفهوم "الدولار اللبناني"، وهو مفهوم بدأ بالظهور مؤخّراً بين بعض الأكاديميين والخبراء اللبنانيين، للدلالة على كمية الدولارات الموجودة على شكل ودائع متناقلة داخل النظام المصرفي، إنما غير المدعّمة بالقدر نفسه من السيولة بالدولار في موجودات النظام المصرفي. بمعنى آخر، الدولار اللبناني موجود نظريّاً على شاشات الكومبيوتر المصرفيّة، إنما لا يمكن تحويله للخارج أو سحبه نقداً أو استعماله في أي إطار خارج دفاتر النظام المصرفي اللبناني. وبما أنّ قابليّة "الدولار اللبناني" للاستعمال تختلف عن الدولار الفعلي، فقيمته تختلف حكماً.
ليست هناك تعليقات